11-دنيا من الأريج
كان الربيع ساحراً, و انتشر حيث كنا نجلس دنيا من الأريج و العبير.. نهضت و وقفت قبالتي. كان خصرها واهياً منتعشاً.. كانت سعيدة و تمتلك حيوية واثقة و عنيدة. قالت و في صوتها عذوبة بريئة ناعمة: انت و هذه الطبيعة حشوتما قلبي بحنان بهيج.. الهبتما مشاعري, و عواطفي, بظمأ كالحمى.. الان فهمت يا عزيزي الفنان ماذا كنت تقصد بالبصيرة الروحية.. اقسم احبك الان و الى الأبد بقوة الف امرأة.. و راحت تخب في حقول الحنطة الزمردية مثل مهرة متهيجة.
12-متاهة
قالت بصوت متهدج: امتأكد انك لا تسير بي في متاهة؟؟ أمتأكد يا عزيزي انك تعرف الطريق وسط هذا الظلام؟؟
-لماذا تتصرفين بطريقة خرقاء؟ باضطراب و كأنك تعانين من امراض الطفولة, او كآبة المراهقة و اساها..
-لماذا انت واثق..
-يا حبيبتي ان ابرة بوصلتي في اعماقي تضيئ لي الطريق. ان الفنانين الاصلاء تظهر لهم الحقائق على شكل لمحات.. هيا.. وسعي من خطواتك.
13-يلهو بأعصابي
قالت لصديقتها: ماذا؟.. هل حقاً قررت هجره الى لأبد؟ لماذا.. ماذا حدث؟
-السافل, راح يلهو بأعصابي لهوا مسعوراً.. قرفت من عامية عواطفه, و ظنونه المقززة.. صدقيني لا يمتلك سوى الحقارة في القلب, و في الروح, و الفكر, و يحتكر ذهنه مجموعة من افكار بالية يدور بها بهذيان..
14-راقص ماهر
اقتربت مني فتاة جميلة و رائعة التكوين, عيناها السوداوان تلمعان, و تفيضان بالرقة و الصراحة, قالت بأعجاب شديد:
-صدقني ذهلت برقصك.. انك بصراحة راقص ماهر جداً
-اشكرك.
-بماذا تشعر و انت ترقص بتلك الحرارة؟
-اه.. اشعر بغليان من اللذات, مثل الأفريقي الذي يرى في الرقص روحا يحيل الجسم الى صلب سائل, يجعله يهتز كالقيثارة.
-صدقني كنت اراقبك و كأن روحاً تنبعث من جسدك.
-انستي الرقص سحر قوي.. هو طيران بغير اجنحة, هو الحياة.. بعد صمت قصير قالت بصوت شادي مثير: هل تسمح لي بقبلة.
15-يا صديقي
قالت بصراحة: يا صديقي انني استلطفك و لكنني لا و لن استطيع ان احبك.
-لماذا؟.
-لأنك بصراحة انسان غريب الاطوار
-ثقي انستي توجد في الانسان الغريب الأطوار قيم روحية رائعة اكثر مما توجد في الانسان الاعتيادي
-لا اعرف.. انا لست فنانة..
16-الحرية الجميلة
قالت: انك تقول لي باستمرار انني لا امتلك الحرية الجميلة, لذا لا استطيع ان احب.
-هذا صحيح.
-ماذا تقصد بالحرية الجميلة؟
-الحرية الحقيقية..
-انت فعلاً على صواب.
17-لن تفهمني
قالت: عندما تعرفنا على بعض قلت لك انك لن تفهمني
-فعلاً.. و بعد سنة فشلت كما فشلت انت.
-بالضبط.
-حقاً من يفهم من!..
-لا احد يا صديقي.. كل كائن نبع لا ينضب.
18-بالصدفة
التقيا بالصدفة المحضة بعد غياب اقل من عقدين. تبادلا نظرات طويلة بصمت. قال هو في نفسه و قد هيجه شكلها الطفولي الرائع, و اشتمله فجأة لا ارادياً حنان مؤثر, و هتف مع نفسه: هذه التي احببتها بجنون مازالت ملاكا حقيقيا.. بينما رددت هي مع نفسها: اهذا هو ذاك الشاب الوسيم الذي احببته بقوة؟ ماذا حدث لوجهه؟ يا الهي ما هذا الخراب؟ لقد نسجه الزمن و الألم و المعاناة بالغضون و التجاعيد, و الوان رمادية.. غادر كل منهما بصمت بأتجاه معاكس.
19-عفويتها الساحرة
قال لصديقه: تأملها جيدا يا عزيزي, و هي بين صديقاتها. ما الذي لفت نظرك اضافة الى جمالها؟
-عفويتها.. الساحرة..
-يالقوة نظرك.. لكن, هذه العفوية تغري المقابل ان يلغي الكلفة معها.
-و هل الغيت.. قاطعه قائلاً. حاولت, لكنني اكتشفت ان تلك العفوية رغم سحرها يجب ان تؤخذ محمل الجد.. اجل انها عفوية حقيقية مثيرة لكنها من النوع اليقظ المشروط اللامجاني..
20-يهملني
قالت لصديقتها: رغم حبي الشديد له, انه احياناً يهملني ببرود لأيام..
-ثم ماذا يا عزيزتي.. اتعرفين ماذا تفعلين؟
-ماذا؟
-عندما يأتي, اجلس بهدوء و كأنك امام رسام كبير و خذي هيئة فتاة تسيح بأفكارها و كأنها تناغي احلامها التي هربت الى لأبد, و اطلقي بين حين و اخر انات موجعة مثل ثعلب جريح.. اه, عندئذ ستجدينه يمحضك المزيد من الحب.. هيا هيا, اذهبي و جربي.. الفنانون تحركهم رعشة الأبداع.